عيد الأم هو عيد ميلاد أمومتها، هو يوم خاص تستقبل فيه ابنها الوحيد بروح جزلة.. لماذا تنشرح في عيد الأم بالذات، بل وتفخر بعمرها وبمرور الزمن، وتستمتع بتأمل وجه ابنها الوحيد!! لأنها تتابع نضج ثمرة حياتها.. تسترجع حلاوة لحظات عشرتها معه عبر السنين، وجوده هو أمانها ضد غدر الأيام!!
أمس كان عيد الأم 2019.. انتظرت الفجر بفارغ صبر، فتحت كل النافذة للشمس، سحبت نفسا عميقا، أنعش خلاياها، لكن مع الزفير لم تسكن أوتار أعصابها، بل تحفزت.. هذا الولد، ولد!!! أصبح جدا فكيف احتفظ برعونة شهواته!! وكيف انحنت نفسه أضعاف جسده، وكيف وكيف وكيف!! رن هاتفها الجوال وظهرت صورته.. قلبته على وجهه لتحجب صورته عنها.
تستدعي صورته الحلوة زمان، عندما كان قلبها يخفق فرحا من جسارة أحلامه النبيلة، وليس خوفا على مصيره!! صورته قبل ان تنطبع عليها تجاعيد الاستسلام والانهزام والخوف من مصير أمثاله، الذي يطارده كوابيسا.
مع تكرار الرنين تعود لصورته، اختفي الأمان من عيونه واستقر التربص، اكتسب نظرة صياد ماكر!! ظلت تصدق كذبه وتكذب احساسها، لكن كلما تابعت قفزاته يعتصر قلبها يأسا منه.. أصبح خطيبا محترفا صوته رنان، يجيد ألاعيب الحية والحواة، يصدح تنفيذا للأوامر كأنه لا يكذب ولا ينافق!! الهاتف يواصل النداء ويصمت سريعا كأنه لا يطلبها بل يهرب منها!! رنين تليفونه مَخزٍي مثله!!
كتمت الصوت وفتحت جريدة اليوم، تقارن صورته في الجريدة بصورته على الموبايل.. جلد ابنها أصبح سميكا من تراكم طبقات الخنوع.. تهدل من ثقل مبادئه التي دفنها.. وجه مخذول من بيع " الحرية" التي كانت قضية حياته وحياة من ائتمنوه عليها.. هل هذه صورة ابنها أم صورة حاوي كهل متجهم داخل بدلة حكيم!!
عيناها تتجولان على جدران البيت ومكتبته القديمة.. شهادات تفوق مدرسية، ثم مهنية تدعمها صوره مع زعماء ورؤساء.. هل كان رسولا أم مرسالا!! كان يهوى لعبة ارتداء الأقنعة، فأصبح بارعا في تقمصها.. كيف ينام!! كيف تبدل من فارس إلى عبد!! آخر جرائمه في حق مهنته تؤكد اختفاءه، وأن الشيطان يتقمص شخصيته؟
وعيد الأم هو لمن تفتخر بأولادها فقط.. لذلك ضغطت على علامة " إلغاء"، وعلامة تأكيد مسح الاسم والصورة من الموبايل.